کد مطلب:239393 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:257

دعوتهم فی بادی ء الأمر للعلویین
و اذ قد عرفنا أن الدعوة كانت فی بدء أمرها للعلویین، فلا یجب



[ صفحه 38]



أن نستغرب كثیرا، اذا قیل لنا : ان جلة العباسیین، حتی ابراهیم الامام، و السفاح، و المنصور كانوا قد بایعوا للعلویین اكثر من مرة، و فی اكثر من مناسبة، فان ذلك ما كان الا ضمن خطة مرسومة، وضعت بعنایة فائقة، بعد دراسة معمقة لظروفهم مع العلویین خاصة، و مع الناس بشكل عام ..

و یمكن أن نعتبر بیعتهم هذه هی المرحلة الأولی من تلك المراحل المشار الیها آنفا ..

فنراهم عدا عن تعاونهم الواضح مع عبدالله بن معاویة، قد بایعوا محمد بن عبدالله بن الحسن أكثر من مرة أیضا، فقد :

«اجتمع آل عباس، و آل علی علیه السلام بالأبواء، علی طریق مكة، و هناك قال صالح بن علی : «انكم القوم الذین تمتد الیهم أعین الناس، فقد جمعكم الله فی هذا الموضع، فاجتمعوا علی بیعة أحدكم، فتفرقوا فی الآفاق، فادعوا الله، لعل أن یفتح علیكم، و ینصركم»، فقال أبوجعفر، أی المنصور : «لأی شی ء تخدعون أنفسكم ؟ والله، لقد علمتم : ما الناس أصور (أی أمیل ) أعناقا، و لا أسرع اجابة منهم الی هذا الفتی »، یرید محمد بن عبدالله العلوی .. قالوا : «قد والله صدقت، انا لنعلم هذا »، فبایعوا جمیعا محمدا، و بایعه ابراهیم الامام، و السفاح، و المنصور، و صالح بن علی، و سائر من حضر » طبعا ما عدا الامام الصادق علیه السلام .. » .

و خرج دعاة بنی هاشم عند مقتل الولید بن یزید، فكان أول ما یظهرونه فضل علی بن أبی طالب و ولده، و ما لحقهم من القتل، و الخوف، و التشرید » فاذا استتب لهم الأمر ادعی كل فریق الوصیة الی من یدعو الیه ..

و لم یجتمعوا ( أی المتبایعون الآنف ذكرهم ) الی أیام مروان بن



[ صفحه 39]



محمد، ثم اجتمعوا یتشاورون، اذ جاء رجل الی ابراهیم الامام، فشاوره بشی ء ، فقام و تبعه العباسیون، فسأل العلویون عن ذلك، فاذا الرجل قد قال لابراهیم : «قد أخذت لك البیعة بخراسان، و اجتمعت لك الجیوش .. » .

بل لقد بایع المنصور محمد بن عبدالله العلوی مرتین : احداهما : بالأبواء علی طریق مكة . و الأخری : بالمدینة . و بایعه مرة ثالثة ایضا : فی نفس مكة ، و فی المسجد الحرام بالذات ..

و من هنا نعرف السبب فی حرص السفاح و المنصور علی الظفر بمحمد ابن عبدالله العلوی، فان ذلك لم یكن الا بسبب ما كان له فی اعناقهما من البیعة [1] .



[ صفحه 40]



و قد ذكر أبوفراس الحمدانی هذه البیعة فی قصیدته المشهورة، المعروفة ب«الشافیة»، فقال :



بئس الجزاء جزیتم فی بنی حسن

أباهم العلم الهادی و أمهم



لا بیعة ردعتكم عن دمائهم

و لا یمین، و لا قربی، و لا ذمم



و ذكر ابن الأثیر : أن عثمان بن محمد، بن خالد بن الزبیر، هرب بعد مقتل محمد الی البصرة، فأخذ و أتی به الی المنصور، فقال له المنصور : یا عثمان ، أنت الخارج علی مع محمد ؟ ! . قال له عثمان : بایعته أنا و أنت بمكة، فوفیت ببیعتی، و غدرت بیعتك . فشتمه المنصور، فأجابه، فأمر به فقتل [2] .

و ذكر البیهقی : أنه لما حمل رأس محمد بن عبدالله بن الحسن الی المنصور، من مدینة الرسول، صلی الله علیه و آله و سلم، قال لمطیر بن عبدالله : «أما تشهد أن محمدا بایعنی ؟ » قال : «أشهد بالله، لقد أخبرتنی أن محمدا خیر بنی هاشم، و أنك بایعت له .. » قال : یا ابن الزانیة الخ : و كانت النتیجة : أن المنصور أمر به، فوتد فی عینیه، فما نطق !! . [3] .

الی آخر ما هناك من النصوص الكثیرة، التی یتضح معها بما لا مجال معه للشك : أن الدعوة كانت فی بدء أمرها لخصوص العلویین، و باسمهم، ثم استغلت بعد ذلك لمصلحة العباسیین ..


[1] قد اقتبسنا هذه النصوص كلها من كثير من المراجع، و خصوصا : مقاتل الطالبيين ، لأبي الفرج الاصفهاني، صاحب الأغاني ص 295 ،257 ،256 ،234 ،233، و غيرها .. و علي كل فان كون الدعوة العباسية كانت في بدء أمرها باسم العلويين، يبدو مما لاشك فيه، و مما اتفقت عليه كلمات المؤرخين، و النصوص التاريخية، التي سوف نشير الي شطر منها في هذا الفصل ..

و لا بأس أن يراجع بالاضافة الي مقاتل الطالبيين في الصفحات المشار اليها : النصوص التي وردت في : النزاع و التخاصم للمقريزي ص 50، و تاريخ ابن خلدون ج 4 ص 3، و ج 3 ص 187، و الفخري في الآداب السلطانية ص 165 ،164، و تاريخ التمدن الاسلامي ج 4 ص 398 ،397، و البحار ج 47 ص 120 و ص 277، و عمدة الطالب، طبع بيروت ص 84، و الخرائج و الجرائح ص 244، و جعفر ابن محمد، لعبدالعزيز سيد الاهل ص 115، فما بعدها، و غاية الاختصار ص 22، و اعلام الوري ص 272 ،271، و ارشاد المفيد ص 296 ،294، و كشف الغمة ج 2 ص 384 ،383، و ابن اعثم الكوفي في كتابه : الفتوح علي ما نقله في طبيعة الدعوة العباسية، .. و أشار الطبري الي ذلك في تاريخه ج 10 ص 143، فقال : قد ذكروا أن محمدا كان يذكر أباجعفر ممن بايعه ليلة تشاور بنوهاشم بمكة فيمن يعقدون له الخلافة، حين اضطرب أمر بني مروان .. و أشار الي ذلك أيضا ابن الأثير ج 4 ص 270، و يراجع أيضا شرح ميمية أبي فراس ص 114، و ص 105 . 104 . و غير هؤلاء كثير.

[2] الكامل لابن الأثير ج 5 ص 12.

[3] المحاسن و المساوي للبيهقي ص 482.